قال رئيس الجمهورية نيكوس أناستاسياديس إن الأمم المتحدة للأسف تتبنى موقفاً متساوياً بين الأطراف حتى عندما تواجه انتهاكاً للقرارات والمجالات والبنود المحددة للأمانة العامة. كما أشار إلى التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان واصفاً إياها بالاستفزازية.

 

في حديثه أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس إن هذا يؤدي إلى تشجيع الدول المعتدية والتي لا تتجاهل القانون الدولي فحسب، بل تخلق أيضاً سوابق جديدة خارج إطار الشرعية.

 

أشارالرئيس اناستاسياديس في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث تنتهي فترة رئاسته في غضون أشهر قليلة، إلى الأسباب الرئيسية لعدم الفعالية وكذلك ضعف الأمم المتحدة على حد قوله في الوقوف على مستوى توقعات الملايين من البشر.

 

وقال "أعلم أن ما أقوله قد يكون خارج حدود الآداب الدبلوماسية، أني مقتنع أن التزام أي زعيم أمام التاريخ يقضي بعدم التغاضي عن أوجه القصور بالتمني أو الإطراء".

 

أضاف لهذا السبب "سأشرع في مراجعة الأسباب التي حولت المنظمة إلى مستودع للمشاكل، وكذلك لما يتعين على الدول القيام به من أجل توفير المصداقية للمنظمة، فضلاً عن القدرة على فرض نظام قانوني دولي بشكل فعال أو تنفيذ القرارات والبرامج بشكل مستمر لصالح الإنسانية".

 

وفقاً للرئيس أناستاسياديس أن نقاط الضعف وعدم كفاءة الأمم المتحدة بعود إلى حقيقة أن القانون الدولي رهن مصالح مالية أو غيرها للدول الأعضاء القوية، وأنه على الرغم من نهاية الحرب الباردة  فإن التحالفات القائمة على المصالح المشتركة تؤدي إلى التغاضي عما تقوم به الدول التي تنتهك القانون الدولي، إذا كان الجاني تابع لتحالفها وأن هناك عودة ظهور نزعات الهيمنة من قبل بعض الدول بهدف إنشاء إمبراطوريات جديدة، على حساب الدول الأصغر في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

 

واستطرد قوله إنه على الرغم من النية المعلنة للأمين العام للأمم المتحدة للمضي قدماً في الإصلاح والتحديث الذي تشتد الحاجة إليه في المنظمة، بالإضافة إلى أسلوب عملها وعمليات صنع القرار، فإن عدم وجود رغبة لدى بعض الدول لم يسمح بتنفيذ مثل هذا التغيير.

 

"ونتيجة لنفس المصالح السياسية فإن الأمم المتحدة تتبنى للأسف موقفاً متساوياً حتى عندما يكون هناك انتهاكاً صارخاً للقرارات والنطاق المحدد والاختصاصات والبنود المحددة للأمانة العامة. وشدد على أن هذا يؤدي إلى تشجيع الدول المخالفة التي لا تتجاهل القانون الدولي فحسب، بل تخلق أيضاً سوابق جديدة خارج إطار الشرعية". وأشار الرئيس إلى أن ضرورة إجراء إصلاحات في هيكل وآلية تنفيذ القرارات التي تتخذها الأمم المتحدة لا ينبع فقط من تقييمي للمشاكل الدولية الأخرى، وإنما مما ب تعانيه بلادي من مشاكل نتيجة الغزو التركي لقبرص منذ عام 1974.

 

قال الرئيس لقد استمعت بخيبة أمل شديدة إلى ادعاءات الرئيس اردوغان وأقتبس، "بالنسبة لتركيا نريد حل جميع القضايا في بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​في إطار علاقات حسن الجوار وبما يتفق مع القانون الدولي" . ما مدى استفزاز ومفارقة أن يطرح الرئيس التركي مثل هذا الادعاء، عندما يهدد باحتلال الجزر اليونانية أو عندما يرتكب آلاف الانتهاكات للمجال الجوي لدولة ذات سيادة وجارة بما يتعارض مع القانون الدولي؟"

 

أضاف إن التعبير عن الرغبة في حل النزاعات "وفقاً للقانون الدولي" هو أكثر استفزازاً في الوقت الذي يرفض تنفيذ العديد من قرارات الأمم المتحدة بشأن المشكلة القبرصية ويخلق أمراً واقعاً جديداً.

 

واستطرد بأن تركيا رفضت الالتزام بالعديد من قرارات الأمم المتحدة وأن أردوغان ادعى العام الماضي أن الجهود يجب أن تركز على التوصل إلى تسوية على أساس ما يسمى بـ "الحقائق على الأرض في قبرص"، في حين أنه تحدث هذا العام عن حاجة الجميع "للنظر إلى الحقيقة "وأن هناك" دولتان وشعبان مختلفان على الجزيرة اليوم".

 

قال الرئيس أناستاسياديس إنه عندما لا يتم تنفيذ أو فرض القرارات المستندة إلى القانون الدولي، فإن هذا يمكن أن يُنظر إليه بشكل حقيقي على أنه يعزز الأعمال التعسفية بل ويكافؤها.

 

أشار الرئيس إلى أن "هذا ما نشهده بالفعل اليوم فيما يتعلق بمشكلة قبرص. إن تركيا التي تنتهك القانون الدولي بشكل منهجي، تدعو المجتمع الدولي إلى الاعتراف بالأمر الواقع غير القانوني الذي فرضته".

 

قال الرئيس القبرصي في خطابه أنه على الرغم من التنازلات التاريخية من جانب القبارصة اليونانيين، إلا أن جميع الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية بشأن المشكلة القبرصية فشلت نتيجة الموقف المتصلب والمطالب غير العقلانية لتركيا.

 

وأضاف أن أحدث مثال على ذلك هو المؤتمر الذي عقد حول قبرص في كران مونتانا في تموز/يوليو 2017 والذي بعد أن تم تقييم الجوانب الداخلية للمشكلة القبرصية من قبل الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره في 28 أيلول/سبتمبر 2017 ذكر أن "ما بقي متعلقاً بالقضايا الداخلية مثل الحوكمة وتقاسم السلطة قليلاً" وأنه "بحلول الوقت الذي اختتم فيه المؤتمر كان الجانبان قد حلا بشكل أساسي القضية الرئيسية المتمثلة في المشاركة الفعالة".

 

وقال إنه في الوقت الذي كان فيه هدف الأمين العام التوصل إلى اتفاق استراتيجي والذي كان في متناول اليد، فإن سبب النتيجة غير الناجحة هو موقف تركيا غير المرن وإصرارها على الحفاظ على معاهدة الضمان التي عفا عليها الزمن وحق التدخل والوجود الدائم لقواتها على أرض الجزيرة..

 

أضاف أنه بعد فترة من الجمود وعلى الرغم من خيبة أملنا، اتخذنا مبادرات جديدة لاستئناف العملية من حيث توقفت في كران مونتانا، وبلغت ذروتها في التفاهم المشترك الذي تم التوصل إليه مع الأمين العام للأمم المتحدة وزعيم القبارصة الأتراك في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، الذي أعاد التأكيد على اجراء جولة جديدة من المحادثات".

 

قال الرئيس أناستاسياديس إنه للأسف قوضت تركيا مرة أخرى احتمالات استئناف عملية التفاوض وبدلاً من ذلك، قامت في الاجتماع الذي عقد في جنيف في نيسان/أبريل 2021 بعرض موقفها في تغيير الأساس المتفق عليه للتسوية من حل فيدرالي إلى حل الدولتين.

 

وتابع "ومع ذلك قمنا نحن بمبادرة أخرى أدت أيضاً إلى اجتماع مشترك جديد بين زعيمي الطائفتين مع الأمين العام للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2021 ، تم خلاله الاتفاق على المضي قدماً في تعيين مبعوث، من أجل التشاور مع الجانبين وجميع الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى أرضية مشتركة لاستئناف عملية سلام جديدة مرة أخرى، إلا أن تركيا رفضت التمسك بالاتفاق المذكور.

 

كما قال رئيس الجمهورية إننا واصلنا اتخاذ المبادرات لكسر الجمود من خلال الرسالة التي بعث بها إلى زعيم القبارصة الأتراك في 23 أيار/مايو 2022، والتي نقل فيها مقترحات بناءة لاعتماد إجراءات بناء الثقة المربحة للجانبين، وأنه تم رفض هذه الإجراءات على الفور من قبل الجانب القبرصي التركي الذي قدم مقترحات معاكسة تخدم هدفهم لحل الدولتين.

 

أشار الرئيس اناستاسياديس إلى أنه "بناء على ما تقدم أعتقد أنه من الواضح أن الطائفة القبرصية اليونانية قد بذلت وستواصل بذل كل جهد ممكن لاستئناف المحادثات من أجل التوصل إلى تسوية تستند إلى قرارات الأمم المتحدة. وكما أكدت فإن السبيل الوحيد للمضي قدماً في حل النزاعات كي يسود السلام هو الالتزام الثابت بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وليس كما يفسر بشكل تعسفي من قبل أولئك الذين يسعون في إخفاء تطلعاتهم التعديلية".

 

وقال إنه خلال فترة رئاسته التي امتدت لعشر سنوات، ربما لم يكن قادراً على التمتع بما كانت تتمناه الغالبية العظمى أيضاً: الإصلاحات الضرورية للمنظمة الدولية وحل النزاعات الدولية ومواجهة التحديات التي تؤثر على مئات الملايين من الناس مثل الجوع والفقر وتغير المناخ.

 

اختتم الرئيس اناستاسياديس كلمته بالقول "ربما لم أتمكن من رؤية وطني وقد اجتمع شمله، حيث يعيش المواطنون من القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك في ظروف من السلام والازدهار والاستقرار. ومع ذلك  آمل بشدة أن أكون قادراً خلال حياتي على رؤية مستقبل أفضل وأكثر استقراراً للبشرية ".

 

 

تم تقسيم قبرص منذ الغزو التركي عام 1974. فشلت جولات عديدة من المحادثات برعاية الأمم المتحدة في التوصل إلى نتائج. عقدت الجولة الأخيرة من محادثات السلام في صيف عام 2017 في منتجع كران مونتانا السويسري.

 

 

واق KCH/EPH/MMI/2022

نهاية الخبر، وكالة الأنباء القبرصية