نصف قرن مر على ذلك الصباح المأساوي المشؤوم في 20 تموز/يوليو 1974، عندما غزا الجيش التركي قبرص، الجزيرة الجميلة في البحر الأبيض المتوسط، مخلفاً الموت والدمار، بانتهاك صارخ لكل قواعد القانون الدولي.

 

أطلقت تركيا العنان للمرحلة الأولى من غزو قبرص في 20 تموز/يوليو 1974، تلاها بعدة أيام المأساة الثانية التي احتلت فيها فاماغوستا أيضاً. منذ ذلك الحين، تحتل تركيا بشكل غير قانوني 37% من أراضي جمهورية قبرص التي أصبحت دولة عضو في الاتحاد الأوروبي في عام 2004.

 

دوت صفارات الإنذار اليوم في الساعة 05:30 بالتوقيت المحلي لتذكر الناس باللحظات المأساوية للغارات الجوية مع بدء الغزو التركي للجزيرة.

 

في الوقت الذي تستعد فيه جمهورية قبرص لتولي رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في عام 2026 للمرة الثانية، تظل عاصمتها نيقوسيا آخر عاصمة مقسمة في أوروبا، حيث فشلت الجولات المتكررة من محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة حتى الآن في التوصل إلى حل. عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، كوييار كمبعوثة شخصية له حول قبرص لتقوم بدور المساعي الحميدة نيابة عنه والبحث عن أرضية مشتركة تؤدي إلى المضي قدماً نحو مفاوضات القضية القبرصية.

 

أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقريره عن قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص، إلى أن "الأمم المتحدة ستواصل دعم جميع القبارصة في متابعة الحوار، وأن الوضع الراهن لا يزال غير ثابت، وأن الافتقار الطويل الأمد إلى اتفاق يخلق عقبات عملية ونفسية أخرى".

 

تتذكر قبرص اليوم وتكرم كل أولئك الذين دافعوا عن وطنهم ضد الغزو التركي في عام 1974، وسيتم تنظيم أحداث وفعاليات مختلفة في جميع مدن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في قبرص تكريماً للقتلى والصلاة من أجلهم ومن أجل المفقودين.

 

سيتوجه رئيس الجمهورية نيكوس خريستوذوليذيس برفقة أعضاء مجلس الوزراء إلى مقبرة ماكيدونيتيسا، لإزاحة الستار عن تماثيل تاسوس ماركوس وفوتيس خريستو وأندرياس أريستي، يلي ذلك صلاة رسمية لأرواح القتلى والمفقودين.

 

سيلقي رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس كلمة في حدث استضافه رئيس الجمهورية في القصر الرئاسي بمناسبة الذكرى الخمسين للغزو والاحتلال التركي للجزيرة.

 

يتواجد وفد من البرلمان اليوناني في قبرص لحضور الفعاليات برئاسة النائب الثاني لرئيس البرلمان ورجيوس يورجانتاس. كما يتواجد في قبرص رئيس حزب سيريزا اليساري اليوناني ستيفانوس كاسلاكيس على رأس وفد لحضور فعاليات التنديد.

 

أصدرت الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية بيانات تدين الغزو التركي ونظمت فعاليات لإحياء ذكرى وتكريم ضحايا المأساة القبرصية، مؤكدة على الحاجة إلى الوحدة وتكرار تصميمها على العمل من أجل حل عادل ومستدام للمشكلة القبرصية.

 

في مثل هذا اليوم قبل خمسة عقود، هبط جنود أتراك على ساحل شمال قبرص في "عملية سلمية" كما وصفها الجيش التركي الغازي تحت الاسم الرمزي "أتيلا". كانت طائرات النقل التركية تحمل جنوداً مظليين في حوالي الساعة 5.20 صباحاً في جيب تركي في نيقوسيا-أيوس هيلاريون، في حين كانت قوات المشاة التركية تهبط على شواطئ كيرينيا.

نشر الجنود الأتراك في غضون ثلاثة أيام الفوضى المطلقة من خلال الإعدامات الوحشية والاغتصاب واعتقال السجناء وتدمير الكنائس واقتلاع الناس من منازلهم. استقالت على اثر ذلك "حكومة" الانقلاب، التي وقعت قبلها بخمسة أيام، في 23 تموز/يوليو 1974 .

 

عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعاً بعد ظهر يوم 20 تموز/يوليو وأصدر القرار 353 الذي دعا إلى وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الأجنبية من قبرص، وإنهاء أي تدخل عسكري أجنبي وبدء المحادثات بين القوى الثلاث الضامنة لقبرص لاستعادة السلام والحكومة الدستورية في الجزيرة. كما اجتمع مجلس الممثلين الدائمين لدول أعضاء حلف شمال الأطلسي في بروكسل، إلا أنه امتنع عن اتخاذ موقف.

 

بدأت بعدها المشاورات في جينيف لإيجاد حل سلمي، وبينما كانت المشاورات مستمرة، سحبت تركيا وفدها في الساعات الأولى من صباح 14 آب/أغسطس، وبعد وقت قصير شرعت في المرحلة الثانية من خططها، بغزو قبرص مرة أخرى تحت الاسم الرمزي "أتيلا 2" مما أدى إلى احتلال مناطق مورفو وفاماغوستا وكارباسيا الجميلة.

 

بلغ عدد القتلى 3000 وعدد النازحين من القبارصة اليونانيين 162 ألفاً، وأصبحوا لاجئين في بلدهم، كما أجبر القبارصة الأتراك على ترك منازلهم والانتقال إلى المناطق الشمالية التي احتلتها تركيا، نتيجة لسياسة الابتزاز التركية. 

 

تعرض 20 ألفاً من القبارصة اليونانيين والموارنة الذين اختاروا عدم مغادرة منازلهم على الرغم من الاحتلال التركي لمضايقات مستمرة وقيود على الحركة وحرمانهم من الوصول إلى الرعاية الطبية الكافية والتعليم، مما أجبرهم ذلك على ترك منازلهم، ومع مرور الزمن انخفض عددهم بشكل كبير ليقتصر الآن على 300 فرد.

 

إن النتيجة الأكثر مأساوية للغزو التركي هي القضية الإنسانية للأشخاص المفقودين. فقد تم اعتقال الآلاف من القبارصة اليونانيين واحتجازهم في معسكرات الاعتقال في قبرص، حيث تم نقل أكثر من 2000 أسير حرب بشكل غير قانوني وتم احتجازهم في سجون في تركيا ولا يزال العديد منهم في عداد المفقودين حتى اليوم.

 

 

واق AAR/GCH/MMI/2024

نهاية الخبر، وكالة الأنباء القبرصية